أخبار الرياضة وكرة القدم
تقرير حين تنهار الحياة... الرِّياضيُّون في غزَّة يحاربون للبقاء لا للفوز

بينما يبدأ الرياضيون حول العالم يومهم بالتدريب وممارسة الرياضة، يستيقظ الكابتن صائب جندية، لاعب وقائد منتخب فلسطين السابق، باكرًا لا لبداية نشاط رياضي، بل للبحث عن مقومات الحياة الأساسية وسط ظروف النزوح والحرب.
جندية، كغيره من مئات الآلاف من أبناء غزة، ينطلق يوميًا مع أبنائه في رحلة شاقة لتأمين لقمة العيش، وغالبًا ما يعود إلى المأوى دون أن يتمكن من توفير كل ما تحتاجه عائلته.
لم تشفع له مشاركاته الدولية تحت مظلة "الفيفا" ولا لزملائه من الرياضيين في حمايتهم من القصف والتدمير. فـ(إسرائيل) لا تفرّق بين الفلسطينيين، ولا تجد أي رادع من المؤسسات الرياضية الدولية.
مسؤوليات الحياة اليومية لا تتيح لجندية دقيقة واحدة لممارسة هوايته، بخلاف زملائه في مختلف دول العالم الذين يتمتعون بحياة كريمة وبيئة رياضية مستقرة.
يقول جندية لصحيفة "فلسطين": "أعيش ظروفًا صعبة وقاسية في مركز النزوح بمدينة دير البلح. كنت أبدأ يومي قبل الحرب بممارسة الرياضة، أما الآن فأبدأه بالبحث عن مياه عذبة، وحطب لإشعال النار، ومواد تموينية، وطريقة لشحن البطارية لتوفير إنارة بسيطة، وغيرها الكثير."
وأشار إلى أن الجميع في غزة يعيش حياة استثنائية، فمن لم يُجبر على النزوح، أصبح يستضيف أكثر من أسرة. وتابع "الوضع صعب جدًا، ونأمل أن تنتهي هذه الحرب قريبًا لنعود إلى بيوتنا وأرضنا."
واختتم حديثه بحسرة: "الذكريات التي كان يحتضنها منزلي، ومنها الميدالية البرونزية التي نلتها في بطولة الألعاب الآسيوية 2012، وعدد من الكؤوس والميداليات، أصبحت من الماضي. الخسارة الأكبر هي فقدان منزلي الذي عملت على بنائه 25 عامًا. ومع ذلك، الشعب الفلسطيني قادر على النهوض مجددًا، وخاصة الرياضيين، لأننا نحمل رسالة وطن وشعب."
الحال لا يختلف كثيرًا بالنسبة للكابتن جمال الحولي، لاعب نادي شباب رفح ومدرب منتخب فلسطين السابق، الذي يعيش معاناة قاهرة بعد أن فقد منزله في مدينة رفح، واضطر للنزوح إلى المحافظة الوسطى.
يقول الحولي لـ"فلسطين": "لم أتخيل يومًا أن تصبح حياتنا كلها طوابير. الحرب سلبتنا كل شيء، ولم يعد لدينا خيارات."
ويتابع: "كنا، مثل كل الرياضيين في العالم، نستيقظ صباحًا لنمارس الرياضة أو نبدأ حصصًا تدريبية، أما الآن فننشغل بتأمين أدنى مقومات الحياة وسط الأزمات المتتالية."
وأضاف: "كان لي منزل مكوّن من أربعة طوابق، دُمّر أول مرة عام 2002، وأعيد تدميره مجددًا عام 2024. أعيش اليوم مع أسرتي وعائلة نجلي في مأوى صغير بمدينة دير البلح، وهذا هو حال المئات من الرياضيين النازحين والمشرّدين."
وأكد الحولي أن الظروف التي يعيشها الرياضيون في غزة لا مثيل لها في العالم: "الحياة انقلبت رأسًا على عقب، وما نعيشه لا يُصدّق. لا حصانة لأحد، ولا مكانة تُحترم، والجميع مرهق من تبعات الحرب، خاصة من فقد منزله، وكأنه فقد وطنه."
أما الحكم الدولي محمود الصواف، فاضطر للنزوح أكثر من مرة بعد اشتداد القصف على منطقته في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وتعرضه وأسرته للحصار.
الصواف الذي كان يقتطع من وقته لممارسة الرياضة للمحافظة على لياقته البدنية، لم يعد يجد أي متسع لذلك في ظل تزايد المتطلبات اليومية.
وقال لـ"فلسطين": "نعيش مأساة يومية لا تُصدّق. حتى الآن، لا أصدق ما يحدث من حولي. كنا نتوجه يوميًا إلى الملاعب، أما اليوم فأصبحت وجهتنا محطات المياه ومراكز توزيع الطعام، وكل ما كان متاحًا بسهولة بات صعب المنال."
وبات همّ الصواف الأكبر الآن هو العودة إلى منزله وتوفير حياة آمنة لأسرته، في ظل أصوات القذائف والصواريخ التي لا تتوقف، مؤكدًا أنه يفعل المستحيل ليُشعرهم بالأمان، بعدما كان طموحه قبل السابع من أكتوبر الترشح لنيل الشارة الدولية في كرة القدم الشاطئية.
المصدر: فلسطين أون لاين و موقع كل يوم
٢٤-٠٦-٢٠٢٥
* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.
* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.