اسألوا أحمد سليمان.. سهام صالح تعلق على تضارب التصريحات في الزمالك بسبب بنتايج

أخبار الرياضة وكرة القدم

كفى أوهاماً الدولة الاتحادية أو اللادولة


كفى أوهاماً الدولة الاتحادية أو اللادولة

أخبار الرياضة

أخبار الرياضة من اليمن

٢٨-١٢-٢٠٢٥

لن يخرج اليمن من أزمته ما دام يتم الهروب من الحقيقة الأساسية المشكلة ليست في الأشخاص ولا في الحكومات ولا في شكل التسويات، بل في بنية الدولة نفسها.

الدولة اليمنية بصيغتها المركزية فشلت فشلاً ذريعاً، وتحولت عبر عقود إلى أداة هيمنة جغرافية ومذهبية ضيقة، أعادت إنتاج نفسها بالقوة والسلاح، وأقصت بقية اليمنيين من حقهم في الشراكة والقرار.

وكل محاولة لإحياء هذه الدولة أو ترقيعها ليست سوى إطالة لعمر الصراع وتأجيل لانفجارات قادمة. الحل الحقيقي يبدأ من القطيعة مع هذه البنية، وبناء يمن جديد كدولة اتحادية فيدرالية حقيقية، لا شكلية ولا مفروضة من غرف السياسة، بل منسجمة مع الواقع الاجتماعي والثقافي والتاريخي لليمن.

الفيدرالية ليست ترفاً ولا مؤامرة ولا مدخلاً للتقسيم كما يروّج أنصار المركزية، بل هي الخيار العقلاني الوحيد لدولة متعددة الهويات والمناطق واللهجات والتجارب التاريخية.

كل الدول التي نجحت في تبني النظام الاتحادي بنت أقاليمها على التجانس والتشابه، لا على التفتيت المقصود ولا على خلط المتناقضات لإضعاف الجميع لصالح مركز واحد. ما جرى في مشاريع الأقاليم السابقة كان عملية هندسة سياسية فاسدة، أُعيد فيها إنتاج منطق “الهضبة الزيدية” كقلب للدولة ومركز للقرار، بينما صُممت الأطراف كهوامش تابعة، ضعيفة اقتصادياً ومجزأة جغرافياً، حتى وهي تُمنح اسم “إقليم”.

هذا ليس اتحاداً، بل خدعة سياسية لتدوير السيطرة التاريخية بواجهة جديدة. لا يمكن بناء فيدرالية حقيقية على أقاليم مفخخة، ولا يمكن الحديث عن شراكة في ظل أقاليم خُلقت لتكون عاجزة منذ لحظة ولادتها. ولا يمكن أيضاً بناء دولة جديدة بعاصمة قديمة مثقلة بالصراع والهيمنة.

الإصرار على بقاء العاصمة حيث كانت هو إصرار على بقاء الدولة كما كانت.

اليمن الاتحادي يحتاج إلى عاصمة اتحادية جديدة، محايدة سياسياً وجغرافياً، تمثل قطيعة رمزية وعملية مع تاريخ السيطرة والانقلاب والعسكرة، وتكون ملكاً لكل اليمنيين لا غنيمة لمن يسيطر عليها بالقوة.

أما الجيش، فلا معنى لأي حديث عن دولة اتحادية بوجود جيش مختطف، غير متوازن، أو متركز الولاء والقيادة في يد منطقة أو جماعة أو مذهب.

الجيش الذي لا يعكس التعدد الجغرافي والمجتمعي لليمن هو جيش مهيأ دائماً للانقلاب أو التفكك أو التحول إلى ميليشيا كبيرة.

الجيش الاتحادي الحقيقي لا يُبنى بالمحاصصة الشكلية، بل بإعادة تأسيس كاملة، تقوم على المهنية، والعدالة في التمثيل، والولاء للدستور الاتحادي لا للهويات الضيقة.

الخطر الحقيقي على وحدة اليمن ليس الفيدرالية، بل الإصرار على دولة مركزية أثبتت أنها لا توحد إلا بالقوة ولا تستمر إلا بالقمع. الوحدة القسرية أنتجت الحرب، وستنتج حروباً أخرى، بينما الوحدة التعاقدية وحدها القادرة على إنقاذ ما تبقى من اليمن.

من دون أقاليم منسجمة مع هويتها، ومن دون عاصمة اتحادية جديدة، ومن دون جيش وطني متوازن، سيظل اليمن يدور في حلقة الدم نفسها، وستبقى كل التسويات مجرد استراحة قصيرة قبل جولة صراع جديدة.

المصدر: المشهد اليمني و موقع كل يوم

٢٨-١٢-٢٠٢٥


* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.