بالدينار الأردني والدولار .. أسعار الذهب في الأردن اليوم الإثنين 18 - 8- 2025

أخبار الرياضة وكرة القدم

"بيليه غزة".. "مصائد الموت" تنهي مسيرة النجم الرياضي "العبيد"



أخبار الرياضة

أخبار الرياضة من فلسطين

١١-٠٨-٢٠٢٥

ذهب سليمان العبيد كما كل يوم رفقة مجموعة من لاعبي كرة القدم، إلى مركز المساعدات الإنسانية "مصائد الموت" في منطقة الطينة جنوب قطاع غزة، على أمل العودة بحفنة من الطعام لأبنائه، لكنه عاد محمولا على أكتاف زملائه شهيدا، وليس احتفالا بتسجيله هدفا في مرمى المنافس، أو تتويجا بلقب.

 رحلة العبيد في الملاعب لم تنتهي بسبب الإصابة، ولم يتوقف عن الركض بسبب قرار الحكم بوقوعه بمصيدة التسلل، بل برصاصة قاتلة أثناء تواجده في مصيدة الموت، أطلقها جندي إسرائيلي، أنهت حياة واحد من ألمع نجوم كرة القدم الفلسطينية على مدار التاريخ، دون حتى إدانة على الإقل من الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" الذي لعب تحت رايته في عدة بطولات.

ترك العبيد خلفه 5 من الأبناء، يعيشون تحت خيمة تؤويهم، بعد تدمير منزلهم في منطقة التوام شمال مدينة غزة، وأصبحوا أيتاما، كحال الآلاف من أبناء غزة المكلومين.

سليمان العبيد "44" عاما والملقب "بيليه غزة"، بدأ مسيرته مع فريق النادي الأهلي الفلسطيني، ومن ثم انتقل لنادي خدمات الشاطئ، وبزغت نجوميته معه، ومنه انتقل لصفوف مركز شباب الأمعري بالضفة الغربية، وحاز معه على لقب أول دوري للمحترفين عام 2011، ولعب لموسمين مع عميد الأندية الفلسطينية نادي غزة الرياضي، وحاز معه على لقب هداف بطولة الدوري الممتاز، قبل العودة للبحرية وقادهم للعودة لدوري الشهرة والأضواء وتربع على عرش الهدافين، وكان أحد نجوم الفريق وقائده حتى شن الاحتلال حرب الإبادة.

ارتدى العبيد قميص المنتخب الوطني الفلسطيني لعدة سنوات، حتى تقلد شارة القيادة، ولعب معه في عدة بطولات دولية وآسيوية وعربية، وأحرز أجمل هدف في مرمى منتخب اليمن من ضربة مقصية في بطولة غرب آسيا عام 2010، وسجل خلال مسيرته أكثر من 100 هدف.

اللحظات الأخيرة

كان العبيد دائم الذهاب على مركز توزيع المساعدات، لتوفير لقمة العيش لعائلته التي خاطر بحياته في مصيدة الموت من أجلها.

يقول شقيقه أيمن الذي كان مرافقا له في رحلة الموت الأخيرة، لـ "فلسطين أون لاين": "أصيب سليمان بطلق في الصدر، واستمر في النزيف لأكثر من 3 ساعات، ومع كثافة إطلاق النار لم نستطع حمله وإسعافه، وبعد التوقف، نقلناه لأقرب سيارة إسعاف، لكنه فارق الحياة".

وأكد أيمن، أنه كان بالإمكان أن يتم إنقاذه لو نقل للمستشفى بسرعة، لكن أمر الله نافذ بأن يرتقي سليمان شهيدا، على أرض وطنه، وهو يبحث عن لقمة عيشه.

وكشفت زوجته عن الحديث الأخير الذي دار بينهما قبل التوجه لنقطة الموت، قائلة:" قلت له لا تذهب يا سليمان، وخليك بيننا، لكنه أصر على الذهاب، وكأنه ذاهب لقدره،  وقال لي ربك بسترها يا أم نسيم".

وأبدت زوجته، شعورها بالفخر بارتقاء زوجها شهيدا، وأكدت أنها ستعمل على تربية أبنائها بالطريقة الأفضل، كما طلب منها زوجها قبل رحيله.

نعي واسع

ونعى الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، والأسرة الرياضية والأندية، وعدد كبير من أصدقاء اللاعب زميلهم في الملاعب، عبر مواقع التواصل الإجتماعي المختلفة، كم تم نشر سيرته وبث عدد من أهدافه.

وأذاع التلفزيون البرازيلي تقريرا عن اللاعب العبيد، أوضح فيه طريقة استشهاده، وتحدث عن جزء عن مناقبه، وأشار إلى الشبه مع الأسطورة البرازيلية بيليه، نجم كرة القدم العالمية في الستينات والسبعينات.

ونشرت عدة مواقع عربية تقارير عن حياة العبيد ونشر صوره، بالإضافة لنعيه من عدة أندية أبرزها نادي ديبرتيفو الإسباني، كما أقام نادي شباب الأمعري بيت عزاء للاعب في مدينة رام الله.

ونعى أسطورة نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي اللاعب الدولي الفرنسي السابق إريك كانتونا،  عبر حسابه على "إنستغرام" اللاعب الراحل برسالة مؤثرة، وهاجم فيها (إسرائيل)، واصفا الهجوم على قطاع غزة بـ"الإبادة الجماعية"، حيث كتب: "(إسرائيل) قتلت نجم المنتخب الفلسطيني سليمان العبيد أثناء انتظاره المساعدات في رفح".

وتابع: "كان يلقب بـ 'بيليه فلسطين'. إلى متى سنسمح لهم بارتكاب هذه الإبادة الجماعية؟ فلسطين حرة".

أما النجم المصري الدولي ولاعب نادي ليفربول الإنجليزي، فوجه سؤالا للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، الذي نعى اللاعب دون توضيح، "قولوا لنا كيف استشهد؟ أين ولماذا ؟!"

وأبرق الاتحاد الأوروبي لكرة القدم ببرقية تعزية للاتحاد الفلسطيني، باستشهاد لاعب وقائد المنتخب الوطني سليمان العبيد، بينما نشرت صحيفة "ماركا" الإسبانية واسعة الانتشار عن استشهاد العبيد  وكتبت أنه استشهد برصاص إسرائيلي.

صمت مطبق

ورغم انتشار خبر استشهاد العبيد، إلا أن الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا"، والاتحاد الآسيوي للعبة، لم يستنكران الحدث، أو المطالبة بفتح تحقيق فيما جرى، مما ترك استياء واسع لدى المنظومة الرياضية.

إبراهيم أبو الشيخ عضو مجلس إدارة رابطة الصحفيين الفلسطينيين السابق، خاطب عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، "جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم " فيفا ".

وجاء في الرسالة: " أنت لم تلعب كرة القدم أما فقيدنا الكابتن سليمان العبيد أمتع الجماهير بفنون كرة القدم ، والفيفا يجب أن تستنكر " قتل " اللاعبين الفلسطينيين من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي".

وتابع: "سليمان لعب بعدة أندية ومثل المنتخب الوطني الفلسطيني في مباريات رسمية أشرفت عليها الفيفا".

بينما انتقد الصحفي علاء شمالي، ما يحدث في العالم من كيل بمكيالين، من خلال منشور له كتب فيه "من فترة، توفّي اللاعب “جوتا” نجم نادي ليفربول الإنجليزي. الدنيا كلها انقلبت، والحداد عمّ العالم. جنازة رسمية، تغطية إعلامية واسعة، ومشاركة من كبار نجوم الكرة والسياسة، الكل نعاه، الكل تأثر، وكأن البشرية كلها فقدت شخصًا من عائلتها.

وأضاف شمالي: اليوم، ارتقى لاعب اسمه سليمان العبيد. لاعب موهوب، أخلاقه عالية، وموهبته تخطّت حدود غزة ووصلت لأندية كبرى. لاعب تفوّق في مستواه على كثير من النجوم المعروفين في أوروبا… لكن الفرق؟ أنه فلسطيني.

وتابع: "ولا وسيلة إعلامية جابت سيرته، ولا نعي، ولا حتى خبر صغير. وكأنه ما كان إنسان، وما كانت حياته تستحق حتى لحظة صمت".

سليمان لم يكن مجرد لاعب، كان حلم، حلم رأى بوابة النجومية، لكن كل الأبواب أغلقت بوجهه، ليس لأنه أقل كفاءة، بل فقط لأنه حامل الهوية “الخطأ” في نظر العالم.

العالم اليوم يثبت مرة بعد مرة أن مشكلته ليست مع الظلم،  مشكلته مع هوية المظلوم.

من المستطيل الأخضر، لمخيمات النزوح، ومراكز توزيع المساعدات، هكذا قضى العبيد أيامه الأخيرة، وانتهت فيها رحلة واحدا من أفضل من أنجبتهم الملاعب الفلسطينية، تاركا خلفه إرثا رياضيا حافلا، وعائلة مفجوعة بغيابه.

المصدر: فلسطين أون لاين و موقع كل يوم

١١-٠٨-٢٠٢٥


* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.